صرح مساعد وزير الخارجيه المصري بأن ليبيا هي عمق استراتيجي لمصر انتهى التصريح، وفي اعتقادي أن ليبيا أثبتت
عبر التاريخ أنها فعلا عمقا استراتيجيا لمصر، أما مصر فلا أعتقد أن الأمر كذلك يحتاج إلى بعض التريث وإذا
استعرضنا ما فعلته ليبيا لمصر ومنذ فجر الإستقلال المجيد الذي لم يكن سارا بالنسبة للحكومه المصريه آنذاك حيث امتنع المندوب المصري في الجمعيه العامة للأم المتحدة عن التصويت عندما طرح استقلال ليبيا في 1951 للتصويت بحجة
أن الحدود الليبيه المصريه ليست مرسمه وبالرغم من حملات ما يعرف بالإعلام القومي آنذاك وماكينة البروباغاندا المصرية التي شنت حملات على المملكة الليبية واتهمتها بالعمالة والرجعية وغيرها من هذه النعوت وكذلك الاتهام الظالم
للنظام الوطني الليبي آنذاك بأنه سمح للطائرات الأجنبيه بالإقلاع من مطار العدم بطبرق وضرب مصر في عدوان 1956 وهي المزاعم الكاذبة التي لم تثبت صحتها حتى الآن وبالرغم من كل ذلك وفي مؤتمر القمة العربية الذي انعقد
بالإسكندرية سنة 1964 استجابت حكومة المملكة الليبية لمصر عندما طلبت من الدول العربية المشاركة في تلك القمة
تقديم مساعدات مالية لها ودفعت حكومة المملكة الليبية 55 مليون دولار بينما دفعت الكويت 15 مليون دولار ودفعت
المملكة السعودية 40 مليون دولار أي أن مادفعته ليبيا يساوي مجموع مادفعته تلك الدولتين معا على الرغم من حاجة
المملكة الليبية الماسة لكل درهم في تلك المرحلة وبالرغم من كل ذلك تصرفت الدولة الليبية بنبل كبير وتناست ما فعلته
الحكومة المصرية عندما طلبت المملكه الليبية في سنواتها الأولى وقبل اكتشاف النفط مساعدة مالية من الحكومة
المصرية ولكنها وافقت فقط على المساعدة العينية المتمثلة في مادتي الأرز والسكر وياليت الحكومة المصرية اكتفت
بذلك ولكنها وللأسف الشديد قايضت هذه المساعدة البائسة بواحة الجغبوب الليبية العزيزة على قلب كل ليبي حر وحينها
رفضت الحكومة الليبية بكل كبرياء هذه المقايضة الرخيصة والتي اتسمت بالنذالة والخسة وعندما دار الزمان دورته
واحتاجت مصر لمساعدة الدول العربيه تسامى وارتفع الليبيون فوق جراح الماضي ولم يعاملوا الحكومة المصرية
بالمثل كما اسلفنا وفي حرب 1973 قدم الشعب الليبي مساعدات سخيه لمصر تمثلت في كميات كبيرة من السلاح
والعتاد والمساعدات الاخرى وكانت الطائرات المصريه تتزود بالوقود من قاعدة العدم الجوية بطبرق ثم تنطلق الى
جبهات القتال وقد شكل ذلك عمقا استراتيجيا لمصر فعلا لا قولا كما تفعل الحكومة المصرية الآن وعندما شن السادات
حربه على ليبيا في 1977 نهبت الصاعقة المصرية منازل الليبيين وسرقت الثلاجات والغسلات وغيرها ونهبت كذلك
المخطوطات القديمه من زاويه الجغبوب والتي لم تعاد حتى الآن.
الآن وبعد ثورة 17 فبراير المجيده لم يكن الموقف الرسمي المصري كالعادة في مستواه تجاه ليبيا حيث أن الحكومة
المصرية على سبيل المثال لم تجمد الأرصدة الليبية في مصر حتى الآن ولم تعترف بالمجلس الوطني الانتقالي، إلا بعد
أن اعترفت بذلك الدول الفاعلة في العالم وأصبح أمرا واقعا فاعترفت آنذاك به وكذلك فإن الحكومة المصرية لم تضبط
الحدود السائبة المفتوحة والتي تتم عبرها عمليات التهريب والنهب الواسعة النطاق لمقدرات الشعب الليبي من نحاس
وخردة ودواء وسيارات وسلع تموينية وغيرها وفي المقابل تدخل السلع المنتهية الصلاحية والدواء المنتهي الصلاحية
ايضا ولكننا نرى أن الحكومة المصرية تتحدث فقط عن تهريب السلاح عبر الحدود أما الدواء والدقيق والسيارات
والخردة والنحاس والكوابل الكهربية لا تتحدث عنه فهي لا تراه، فكيف يمكن لعاقل أن يصدق هذا الهراء ..؟؟!!
وكذلك لازالت سفن الصيد المصرية تدخل المياه الإقليمية الليبية وتنتهك السيادة الليبية وتسرق وتنهب الثروة البحرية
الليبية تحت سمع وبصر الدولة المصرية وأجهزتها المختلفة ولكنها لا تحرك ساكنا .! يحدث كل ذلك ويتشدق
المسؤولون المصريون بأن علاقتهم مع ليبيا علاقة عمق استراتيجي ويعرضون أنفسهم كشريك استراتيجي في إعمار
ليبيا .! فأي شريك هذا ؟! وأي إعمار هذا ؟!
تلك إذن قسمه ضيزى، ويتحدث أولئك المسؤولين بأن أمن واستقرار ليبيا هو أمن واستقرار لمصر ! فأي أمن هذا ؟!
وأي استقرار هذا ؟! وأخيرا فإنني أقول إن ليبيا غالية واصبحت أغلى وأغلى وأغلى بعد ثورة 17 فبراير وهذه الدماء
الزكية التي روت ثرى ليبيا الطاهر فعلينا جميعا أن نصونها ونحمي حدودها ونصون ثروتها وندافع عن كرامتها وعزتها
ضد كل من تسول له نفسه المساس بها فالعدو الواضح الظاهر أسهل من العدو الخفي الذي يظهر لك الود ويبطن لك
العداوة فليس كل مايلمع ذهبآ .