إن التصريحات التي تطلق عبر وسائل الإعلام هنا وهناك ومنها تصريح رئيس المجلس العسكري بطرابلس بضرورة حصول الثوار على حقائب وزارية في الحكومة التي تشكلت في البلاد في الأسابيع الماضية ثم تصريح رئيس مجلس ثوار طرابلس بأنه سوف يقوم بالإطاحة بالحكومة في حالة عدم حصول الثوار على حقائب وزارية في حكومة الكيب وهدد بأن أنصاره لن يترددوا في الإطاحة بالحكومة وأن قواته موجودة في الميدان كما ان الثوار أصبحوا يهمشون رجال الأمن ويمنعونهم من أداء واجباتهم وفي الشأن قام رئيس ثوار طرابلس بإجبار مركز شرطة باب بن غشير بمدينة طرابلس بإطلاق سراح أحد المجرمين الذي استولى على سيارة مواطن بالإكراه وذلك بقيام الثوار بالهجوم على مركزا لشرطة واستخدام الأسلحة وتهديد رجال الأمن وعليه تحول من يسمون أنفسهم بمجلس ثوار طرابلس إلى مليشيات مسلحة تثير الرعب والخوف وتفرض إرادتها بقوة السلاح وتقصي رجال الأمن وتعرقل وتمنع الحكومة من تنفيذ واجباتها وتوريطها بقضايا ومشاكل جانبية تحت تهديد باستخدام الأسلحة إن هذه التصريحات والممارسات غيرا لمسؤولة لها تأثيرها وانعكاساتها ا لخطيرة و إنذار بعودة زمن الانقلابات العسكرية.
يتساءل الكثير هل مشاركة الثوار في تحرير البلاد من كتائب الطاغية المقبور تمت بهدف الحصول على مغانم أنانية ونفعية؟ وهل تحول ا لثوار إلى طغاة جدد أخذوا أدوار كتائب الطاغية المدحورة ؟وهل تحول النضال والكفاح من أجل الحرية إلى ارتزاق ؟إلى غيرها من الأسئلة التي تصدم باللامعقول أن الثوار الأحرار الذين يكافحون من أجل الحرية دافعهم إيمانهم بحرية وانعتاق شعبهم ولا ينظرون الجزاء والشكور ويرفضون التمجيد او المديح ولا المن والإحسان إن جميع الليبيين يتشاركون في نسيج اجتماعي متجانس ونسق قرابي متشابك كما تخلو البلاد من المذاهب الدينية والطائفية والطموحات والأهداف واحدة والمصالحة متبادلة ومتكاملة وإن البيئة والمناخ السياسي والاجتماعي لا يسمحان بزرع الفتنة وظهور المليشيات المسلحة كما هو الحال في لبنان ويجب أن تختفي المجالس العسكرية ومجالس الثوار من البلاد وإفساح المجال لظهور قوة الجيش والأمن الوطني لتأكيد السيادة الوطنية وأن يتم تسليم الأسلحة التي بحوزة الأفراد إلى وزارتي الدفاع والداخلية مقابل قيمة مالية تخصص لهذا الغرض.
إن السياسات المتسمة بالموضوعية ترتفع لمستوى المشاركة المجتمعية في مسؤوليات تحقيق الأمن والاستقرار وإفساح المجال أمام الحكومة الحالية لتنفيذ برامجها واتخاذ كافة التدابير التي تساعد على عدم عرقلة عملها أو إلهائها بقضايا ومشاكل حانية تهدر المزيد من الوقت والجهد والمال وإن الحكومة الحالية مهامها محدودة والزمن الخاص بإنجاز مهامها قصير جداً ويصل إلى ثمانية أشهر ومن أولويات مهامها اتخاذ جملة من السياسات والتدابير لتنفيذ أو انتخاب ديمقراطي بعد مضي نصف قرن تقريباً الممثل في المؤتمر الوطني العام الذي يعتبر بمثابة المؤتمر التأسيسي الذي يتولى إعداد وصياغة مشروع الدستور ويقوم المؤتمر الوطني العام باختيار هيأة تأسيسية متخصصة تتولى صياغة مشروع الدستور في مدة لا تتجاوز ستين يوماً وفقاً لما نصت عليه المادة “30″ من الإعلان الدستوري الصادر عن المجلس الوطني الانتقالي بتاريخ 30رمضان 1423هـ الموافق 3/8/2011 ويقوم المؤتمر الوطني العام الذي يتكون من 200عضو باعتماد الشعب بأغلبية ثلثي المقترعين تصادق عليه الهيئة التأسيسية ويعتمد المؤتمر العام ويتحول المشروع إلى دستور دائم للدولة الليبية الجديدة وإذا لم يوافق عليه الشعب يعاد إلى التعديل وفق رغبات الشعب إلى أن تتم الموافقة عليه ثم يصدر المؤتمر الوطني العام قانون الانتخابات العامة كما يصدر قراراً بتشكيل المفوضية الوطنية العليا للانتخابات التي تتولى إجراء الانتخابات تحت إشراف القضاء الوطني وبمراقبة الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية إن الأسئلة التي تتبادر إلى الأذهان هي كيف يتم تحديد المجال الجغرافي لمناطق ليبيا؟ وهل يتم تقسيم البلاد إلى عشرات ا لمحافظات طبقاً لدستور المملكة الليبية المعدل عام 1964م؟ أو يتم تقسيم البلاد إلى 24بلدية ؟وكيف تتم عملية تقسيم الدوائر الانتخابية في المدن والأرياف ؟ وما نصيب كل منطقة في عضوية المؤتمر الوطني العام؟وهل يتم توزيع عدد عضوية المؤتمر العام بالتساوي بين المحافظات والبلديات بحيث يكون نصيب كل محافظة عشرين عضواً باعتبار عدد أعضاء المؤتمر العام 200عضو؟ ومن هم الليبيون الذين يسمح لهم بالانتخاب ؟ وهل تجري الانتخابات على نظام القوائم الفردي أو نظام القوائم الحزبية؟ إلى غيرها من الأسئلة التي تتزاحم ونأمل أن يجيب عنها قانون الانتخابات الذي سوف يصدره المجلس الوطني الانتقالي الذي يعين المفوضية العليا للانتخابات ويصدر الدعوة للانتخابات وينتهي دوره بانتخاب المؤتمر الوطني العام.
إن حكم ليبيا مستقبلاً يقرره الليبيون بواسطة صناديق الانتخابات ومن خلال التعددية والحزبية ومؤسسات المجتمع المدني من جمعيات ومنظمات واتحادات ونقابات مهنية وأحزاب سياسية إن الحزب الذي ينجح في استخدام إستراتيجية إقناع الشعب ببرامجه يفوز في الانتخابات ويتولى تشكيل الحكومة بمفرده أو بالائتلاف مع أحزاب أخرى تمتلك مقاعد في البرلمان وهكذا وطبقاً لنصوص الدستور الذي ينظم ويضمن ذلك مسألة التداول السلمي على السلطة ويتيح المجال رحباً لبناء معارضة قوية من الأحزاب السياسية وجماعات الضغط في مؤسسات المجتمع المدني تراقب سياسات الحكومة وتحاسب وتصحح كل انحراف يصدر منها أو من أعضائها والفصل بين السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية وهكذا تبني الدولة الليبية الديمقراطية الجديدة التي تؤسس لثقافة الحوار.. الرأي والرأي الآخر وإسقاط ثقافة الانقلابات العسكرية والتخويف بالسلاح الذي مازال يمارسه البعض المرتهنين لثقافة المكيافليا الغائية النفعية.