المجلس الانتقالي المؤقت حظى ومنذ الايام الاولى لثورة 17 فبراير بدعم وتأييد الليبين ، ولعل اتفاقهم المطلق على رئيسه السيد مصطفى عبد الجليل هو ما دعم هذا التأييد .
حرص الجميع افرادا وتجمعات ومؤسسات المجتمع المدنى على ان يكون الهدف الاساس هو اسقاط اللانظام والقضاء على الطاغية ، ذلك ما برر مقولة ( مش وقته ) عند الحديث عن التحفظات على بعض الشخصيات فى المجلس الوطنى او على بعض القرارات التى صدرت عنه ، ولكن ذلك لا يبرر للقوى الوطنية التى تؤمن بأن الدماء الزكية التى روت ثرى ليبيا انما سالت من اجل القضاء على نظام فاسد كان همه الاول تغييب الشعب ، ولم تسل تلك الدماء لايجاد وجه اخر لعملة اللانظام ، انما سالت من اجل تحقيق طموحات وغايات نبيلة وسامية هانت فى سبيلها الارواح ، لايبرر لها ان تتجاهل كل الاخطاء خاصة تلك التى ترتبط باساس الدولة وبنائها ، وهذا ما يحمل هذه القوى اليوم ان تصوب الاخطاء التى من منطلق حسن الظن نقول انها ليست مقصودة .
هنا نحن لا نعترض على اصدار هذا الاعلان الدستورى المؤقت ، فذلك مطلب من مطالب ثورة 17 فبراير وحق من الحقوق التى نسعى جميعا لتحقيقه ، انما الاعتراض على شكل ومضمون هذا الاعلان الدستورى .
فكأن الذين قاموا باعداد غير مؤهلين للتصدى لهكذا مشروع يبنى عليه مستقبل ليبيا التى ننشد ، ولا اظن انهم قانونيين ألموا بالقانون ، وخبروا الدساتير وكيف يتم صياغتها وتبويبها ، وتفصيل ما يجب ان يفصل ، وان تكون مواده منضبطة ومرتبه ومحدده وغير قابلة للتأويل .
ا
لاعلان الدستورى الذى اعلن فى مؤتمر صحفى لعدد من اعضاء المجلس الوطنى ، الى جانب القانونيين لصياغته وتبويبه ومحتواه والذى عبروا عنه فى بيان لهم اعلنوه فى ساحة الحرية ، من اهم الملاحظات التى نسوقها حوله على سبيل المثال لا الحصر :
_
ان الاعلان لم يتم عرضه على التجمعات ومؤسسات المجتمع المدنى لابداء الرأى حوله ، وحتى القلة الذين تم عرضه عليهم فى ندوة او اكثر لم يتم الاخذ بملاحظاتهم وهذا ما عبر عليه هؤلاء فى تجمعين الاول بفندق الواحات يوم الاحد 14 رمضان ، والثانى يوم الاثنين 16 رمضان بقاعة بمبنى الدعوة الاسلامية .
_
يتحدث الاعلان على نقاط كالعلم والنشيد وغيرها وهذه اظن ان النص عليها يكون فى الدستور الدائم للدولة .
_
اعطي الاعلان صلاحية المصادقة على الاتفاقيات الدولية للمجلس الانتقالى ، وهذا حق للشعب دون سواه من خلال اعضائه المرشحين للبرلمان او المجلس الذى سينص عليه الدستور .
_
لم يحدد الاعلان عدد اعضاء المجلس الوطنى الانتقالي ,ولا الية اختيارهم , الى جانب انه اعطى صلاحية للمجلس بإضافة 10 اعضاء دون ذكر مبرر لذلك.
_
الاعلان ينص على ان الانتخابات داخل المجلس بأغلبية الحاضرين مع عدم النص على النصاب القانوني لحضور جلسات الانتخابات.
_
ينص الاعلان على ان تنتقل الدولة من مرحلة انتقالية ( المجلس الوطنى ) حضيت بتأييد المجتمع الدولي واحترامه ، الى مرحلة انتقالية اخرى (المؤتمر الوطني) ـ و ما قد يترتب على ذلك من إشكالات مع المجتمع الخارجى ـ دونما اشارة الى هذا المؤتمر فى نصوصه باستثناء المادة ( 30 ) والتى جاءت نشازا مخالفا لبقية النصوص ، ولا نرى مبررا لهذه النقلة حيث انه ينبغى ان يستمر المجلس الوطنى الى حين صدور الدستور الدائم وبناء الدولة وفقا لنصوصه .
_
الاعلان يعطى الصلاحية للمؤتمر الوطنى بان يختار هيأة تأسيسية لصياغة مشروع دستور للبلاد ، خلافا للمتعارف عليه فى كل العالم الحر بان يكون واضع الدستور منتخب من الشعب وليس مختارا من اية دائرة اخرى .
ا
شارتنا الى هذه الملاحظات تجعلنا نخاطب عفوية اصدار الاعلان الدستورى ونخاطب المجلس الوطنى الانتقالي وعلى رأسه السيد المستشار مصطفي عبد الجليل بان مصلحة ليبيا فى ان يلغى هذا الاعلان الدستورى ، وان يتم تكليف مختصين من ذوى الخبرة القانونية الكافية لصياغة مشروع اعلان دستورى وليس دستورا مؤقتا، ويتم عرضه بشفافية ووضوح على الشعب من خلال تجمعاته ومؤسساته المدنية ومجالسه المحلية لابداء الملاحظات حوله على ان يتم الالتزام فى نصوصه بعدم نقل الدولة من مرحلة انتقالية الى مرحلة انتقالية اخرى بانتخابات لسنا فى صددها الان خاصة مع وجود السلاح فى الشارع بشكل عشوائى الى جانب النص على ضرورة ان يتم انتخاب جمعية تاسيسية من الشعب حيث ان انتخاباتها لن يكون فيه اثاره للمشاكل الداخلية لكونها جمعية ليس فى عضويتها مطمع شخصى سوى مصلحة ليبيا ، تتولي هذه الجمعية اعداد مشروع الدستور الدائم وعرضه للاستفتاء عليه ، وكذلك اعداد مشروع قانون للانتخابات .
المجلس الوطنى الانتقالي من حقه علينا ان نسدى اليه النصيحة فاذا كانت الاخطاء عفوية نثق بانه سيبادر الى تصحيحها ، فليس العيب ان نخطئ ولكن العيب ان نستمر فيه ، واذا كانت مقصودة ـ وهذا مستبعد ــ فاننا نقول لهم لا تخذلوا دماء الشهداء .
د / عبد الدائم عمر العمامى