انا زلاتان إبراهيموفيتش - Jag Är Zlatan - الفصل السادس عشر !- في غوتنبيرغ لعبنا مباراة دولية ضد لاتفيا وفزنا بهدف مقابل لاشيء , سجل الهدف كيم كالستروم وحصلنا على يوم راحة حر بعد يوم المباراة .. كان
ذلك في الثالث من سبتمبر .. أوليف ميلبيرغ أتم عامة الـ 29 .. أوليف تعرفت عليه في المنتخب .. ظننتُ أنهُ في البداية رجل يحب الإنعزال , مثل ديفيد
تريزيغية .. لكن لاحقا ً بدأ يشترك مع المجموعة وأصبحنا أصدقاء .. ميلبيرغ أرادني انا وتشيبن ( لقب كريستيان ويلهامسون ) أن نخرج سويا ً معه وأن
نحتفل به في يوم عيد ميلاده .. وبالتأكيد , لم لا ؟!
- خرجنا وأنتهى بنا المطاف في أحد الأماكن التي كانت على الجادة , مكان فيه الكثير من اللوحات الفنية .. الصحف وصفته لاحقا ً بالمكان الرائع , وهذا
يحصل مع كل الأماكن التي أزورها , لكنهُ في الواقع كان موقع ممل , كان شبه فارغ , كنا تقريبا ً لوحدنا .. جلسنا هُناك وشربنا بهدوء .. لم يكن هناك
الكثير من المرح .. حتى حلت الساعة الـ 11:00 .. وعند الـ 11:00 كان يجب علينا ان نعود إلى الفندق حسب قوانين إدارة المنتخب .. لكن مالمشكلة ؟!
لقد سبق وان تأخرنا عن هذا الوقت , بل وأعتدنا على ذلك بدون مشاكل بالإضافة إلى أن هذا اليوم هو يوم عيد ميلاد ميلبيرغ , الفتى الرصين والمهذب
لهذا لم نعد عند الـ 11:00 .. بل عُدنا إلى الفندق عند الساعة الـ 12:15 صباحا ً , ومن ثم خلدنا إلى النوم مثل الأولاد الطيبين .. هذا كل شيء ..
- المشكة الوحيدة في ذلك الأمر هي أنني لم أكن أستطيع أن أذهب لشراء الحليب مثلا ً , الا والصحف تعلم بذلك .. الجواسيس كانوا حولي في كل
مكان أذهب له .. الناس كانوا يرسلون الرسائل والصور : أووه , لقد رأيت زلاتان في ذلك المكان ووو .. ثم تقوم الصحف بـ مبالغة مملة حيال أي تصرف
أو مكان أذهب له .. الشيء الجيد عند حدوث هذا الأمر , هو ان هناك الكثير من الناس يقفون بصفي ويدافعون عني : ربما كان يخرج ليتناول وجبة ما
زلاتان لم يفعل شيء .. والصحف في الحقيقة أدركت ذلك مع مرور الوقت .. لهذا في هذه المرة كانت أذكى ..
- هذه المرة ذهبوا وإتصلوا بـ مدير المنتخب .. ولم يسألونه متى عُدنا أو متى خلدنا إلى النوم يوم أمس , بل سألوه عن إذا ماكان هناك قوانين في
المنتخب تخص خروج اللاعبين .. مدير المنتخب أخبرهم : هناك قوانين أخبرنا به جميع اللاعبين وهو ان لايتأخروا بالعودة عن الساعة الـ 11:00 مساءاً
وبعد ان سمعوا ذلك قالوا له : "
لكن زلاتان , ميلبيرغ وتشيبن عادوا في وقت متأخر , ولدينا شهود على ذلك " .. مدير المنتخب كان شخص جيدا ً وكان
دائما ً يدافع عن لاعبي المنتخب .. لكنهُ في هذه المرة لم يتحلى بسرعة البديهه , ويسأل نفسه : من يقول الأشياء الصحيحة دائما ً ؟!
- أعتقد أنهُ لو كان المدير ذكيا ً للغاية , لفعل مايفعلهُ المدراء في الأندية الإيطالية , كان من المفترض ان لايتأثر بما يقال له , وأن يقوم بإستدعائنا
لاحقا ً ويطلب من كل واحد منا توضيح لسبب تأخره : ربما لدينا عذر , أو لدينا رخصة من أحد الإداريين الأخرين , وهكذا .. وهذا لايعني انهُ لايجب أن
يعاقبنا , على العكس تماما ً .. لكن المبدأ العام لنا كفريق يفرض علينا ان نكون سويا ً , أن نبدو سويا ً لأولئك الذين يتربصون في الخارج ومن ثم داخلياً
بإمكانك ان تعاقبنا كما تشاء .. لكن مدير الفريق غضب حينها وقال بأنهُ لايمكن لأي شخص ان يتأخر ويكسر القواعد .. أشعل النار في ذلك الفندق
وفي الصباح جاء مباشرة لي وقال : "
لاغرباك يريدك في إجتماع هام " .. أول مافكرت فيه هو الأستياء , لأنني لا أحب الإجتماعات .. لكن من ناحية
أخرى فأنا إعتدت على ذلك وأصبحت الإجتماعات روتينا ً خاصا ً لي .. لم يكن بالأمر الجلل , خاصة وأنني أعلم ماهو سبب هذا الإجتماع ..
- تعاملت مع الأمر بهدوء منذ البداية .. ومن ثم إتصلت بأحد الإداريين الذين اعرف أنه لديهم معرفة بكل مايجري , قلت له : "
مالذي يجري ؟ " .. ثم
قال لي : "
أعتقد انهُ يجب عليك ان تحزم حقائبك " .. أحزم حقائبي ؟ لأنني عدتُ متأخر بعض الوقت ؟ رفضت تصديق هذا الأمر في البداية , لكنني
لاحقا ً أيقنت ان هذا الواقع لهذا قمت بحزم حقائبي .. لم أجد حتى أعذار بسيطة .. الأمر كان سخيفا ً جدا ً لكي تبحث له عن أعذار .. كانت الحقيقة
هي من يجب ان تُقال .. لم أكن لألوم حتى أخي عليها .. دخلت إلى مكتب لاغرباك .. جلستُ هناك بكل هدوء .. كان هناك لاغرباك والبقية جميعا ً
أوليف ميلبيرغ وتشيبن .. ميلبيرغ وتشيبن ليسوا هادئين مثلي .. ليست لديهم نفس العادة .. حتى انني شعرت بأنني كنت أحسن التصرف , وأنه
كان يجب علي أن أخاطر أكثر وأعيش على الحدود دائما ً ..
- لاغرباك قال فورا ً : "
لقد قررنا أنهُ يجب عليكم ان تحزموا حقائبكم وترحلوا " .. "
ماذا تريدون القول بشأن هذا ؟ " .
- تشيبن قال : "
أعتذر عن ذلك .. كان تصرفا ً غبيا ً " .
- أوليف ميلبيرغ : "
أنا أيضا ً أود أن أعتذر .. لكن لماذا وضعتم هذا الأمر أمام الإعلام ؟ " .
إستمر الحديث طويلا ً عن مسألة الإعلام .. وطوال ذلك النقاش , كنتُ انا جالسا ً وبهدوء تام .. لم أقل اي كلمة في هذا الإجتماع , ولاغرباك لاحظ أن
هذا أمر غريب على الفوز .. كان يعرف جيدا ً بأنني لست ذلك الفتى الخجول في العادة ..
- "
وانت يازلاتان , ماذا تقول عن هذا الأمر ؟ " .
- "
لاشيء " .
- "
ماذا تعني بـ لاشيء ؟ " .
- "
فقط لاشيء ! " .
لاحظت بعد ردي فورا ً أن لاغرباك ومساعديه أصبحوا متوترين بشكل كبير جدا ً .. كان سيرتاحون لو غضبت أمامهم وجادلتهم , كان سيعرفون بأن
هذه هي طريقتي المعتادة وأن الأمور تسير على طبيعتها .. لكن هدوئي سبب الكثير من الأسئلة : لماذا يخطط زلاتان ؟ .. وبقدر مايحدقون بي , بقدر
ماكنت أكثر هدوئا ً وصمتا ً .. كان أمرا ً غريبا ً في الحقيقة .. صمتي منحني توازن أكبر وكانت لديه الأسبقية عليهم .. عادت لي في تلك اللحظة ذكريات
متجر فيسلز , ذكريات المدرسة وذكريات فريق الشباب في مالمو .. كنت أستمع لـ لاغرباك في الغرفة وهو يتحدث عن مدى وضوح قوانين المنتخب
وكأنني أستمع لاولئك المدرس الخاص في تلك المدرسة .. الذي كان يقول لي : "
تحدث معي فقط , لايهم ماتقوله ! " ..
- خلال هذا الأمر كله , هناك شيء واحد اغضبني , ذلك حينما قال لاغرباك : "
لقد قررنا إستبعادك من مباراة ليشتنشتاين " .. وصدقوا أو لاتصدقوا :
لم أكن أهتم لأمر تلك المباراة , لقد حزمت حقائبي مسبقا ً .. لاغرباك كان بإمكان أن يرسلني إلى أي مكان .. من يهتم لـ ليشتنشتاين ؟ أبدا ً لم أكن
أهتم لتلك المباراة إطلاقا ً .. لكن ما أغضبني هي تلك الكلمات : من أنتم ؟! عن من تتحدث ؟! لاغرباك كان هو المُدرب , إذا لماذا يقوم بالإختباء خلف
الأخرين ؟ كان يجب عليه ان يكون رجلا ً حقا ً ويقول : "
أنا قررت " .. كنت سوف أحترمه حينها .. لكن مافعله كان تصرف جبان .. لهذا إلتفت له وقمت
بالتحديق بعينه بقوه .. لكنني لم أقل أي كلمة .. خرجت بعدها من المكتب , وأتصلتُ بأخي كيكي , في هذه الوضعيات أنت تحتاج لـ دعم العائلة ..
- "
كيكي , تعال وخذني من الفندق " .
- "
لماذا ً , مالذي فعلته ؟ " .
- "
وصلت متأخرا ً بعض الشيء " .
- قبل ان أغادر تحدث مع مدير المنتخب , لقد كان رجلا ً جيدا ً في العادة وكان لدي علاقة جيدة معه , كان يفهمني أكثر من البقية .. كان يشكل في
معظم الأوقات الدعم الأكبر لي .. عرف بعد الإجتماع انني لن أنسى بسهولة , جاء وقال لي : "
أنت , زلاتان .. انا لست خائف من تشيبن وميبلبيرغ ..
فهم سويديين عاديين .. يتعرضون للعقاب الأن ويعودون في المرة القادمة .. لكن أنت ؟ أخشى ان لاغرباك حفر قبرُه بيده " .. أجبته : "
سوف نرى " ..
وخلال ساعة غادرت الفندق .. خرجت انا وتشيبن مع أخي الصغير في السيارة .. كنت انا وتشيبن , كيكي وأحد الأصدقاء .. توقفنا عن محطة لتعبئة
الوقود .. ونزلت لأرى بعض الصحف والعناوين المكتوبة فيها : يالهي , كانوا يعلقون على أكبر حادثة تأخر شهدها التاريخ ! وكأن هناك طبق طائر قد
سقط على الفندق .. كانوا يبالغون بصورة مقززة .. لهذا أضطررت ان اكون بقرب ميبليرغ وتشيبن في معظم الاوقات وأتصل بهم .. كنت اشبه بأب
لهم : "
يجب أن لاتهتموا أيها الرفاق .. هذه فقط أسبقية لنا , لأنهُ لا أحد يحب الفتيان الجيدين " ..
- لكن في الحقيقة كنت مستاء من الأمر بشكل متزايد .. كنت مستاء من طريقة تصرف لاغرباك وإدارته للأمر .. قبل فترة ليست بالطويلة كنت قد
تشاجرت مع أحد اللاعبين في الميلان .. كان اسمه أوجوتشي أونيو , ساخبركم بالقصة لاحقا ً .. لكن ذلك الشجار كان وحشيا ً جدا ً .. رغم ذلك ورغم
أنهُ لايعتقد ان هذا هو التصرف الصحيح , لكن أمام الإعلام الخارجي : الإدارة دافعت عني وعنه , وقالوا بأنها إشارة جيدة ووو .. كانوا يحافظون على
صورة وحدة الفريق أمام الخارج .. هكذا يفعلون في إيطاليا .. ندافع عنك خارجيا ً وننتقدك داخليا ً .. لكن هنا مع لاغرباك الأمور كانت سيئة للغاية ..
كانت أشبه بعملية الأشخاص الأخيار والأشخاص الأشرار .. كان تصرف رديء , ولقد أخبرت لاغرباك بهذا الأمر شخصيا ً :
- قال لي : "
بالنسبة لي , لقد نسيت هذا الأمر , أنت مُرحب بك لكي تعود " .
- "
حقا ً مُرحب بي ؟ .. حسنا ً بالنسبة لي لن أعود .. كان بإمكانك أن تقوم بتغريمي , وأن تعاقبني كما تشاء .. لكنك أخترت ان تذهب للإعلام ومن
ثم تتحدث عن لاعبيك بشكل سيء .. وهذا شيء لايمكن أن أقبله " .
- هكذا كان الأمر , ولقد تركت المنتخب .. واختفت تلك القصة من مخيلتي .. إختفت او حاولت إخفائها في الحقيقة , لأنني في بعض الأحيان أعود
لأتذكر ماحدث وأتأسف .. كان يجب علي ان اقوم بفضيحة أكثر أهمية , بما أنني كنت سأخرج بكل الأحوال .. مالذي فعلتهُ بحق الجحيم ؟ ذهبت لكي
أجلس في مكان فارغ على تلك الجادة وتناول كأساً وحيدا ً ومن ثم عدت متأخرا ً بساعة وحيدة ؟ ماهذا ؟ .. كان يجب علي أدخل أحد البارات , ومن
ثم أقوم بتحطيمها .. أو أقوم بتحطيم أحد السيارات بـ كؤوس النبيذ , وانا ارتدي ملابسي الداخليه .. حقا ً , تلك كانت ستكون فضيحة كما أعرفها ..
لكن ماحدث ؟ هراء ..
- أنت لاتطلب الإحترام , بل تأخذه .. من السهل ان تكون صغيرا ً في النادي الجديد الذي إنتقلت له للتو , لأنك تاتي وتجد اشخاص لديهم أدوارهم
المُحددة مسبقا ً ومكانتهم المعروفة ووو .. حينها من السهل عليك ان تنطوي للخلف وتبدأ بتحسس الأوضاع .. تفقد المبادرة وتفقد الوقت .. لكنني
وصلت للإنتر لأنني أردت ان أخلق الفارق معهم , أردت ان أفوز الدوري معهم لأول مرة منذ 17 عاما ً .. لهذا لايمكنني أن أكون مسالما ً أو حذرا ً لأن
الإعلام إنتقدني , ولأن الناس لديهم إنطباع عني : زلاتان فتى سيء , زلاتان لديه مزاج حاد وو .. من السهل ان تتأثر بهذه الأمور , ومن ثم تحاول أن
تثبت العكس , تثبت بأنك فتى لطيف .. لكن حينها سوف تسمح لنفسك بأن تكون في الخلف وتتم قيادتك .. وتلك الحادثة في غوتنبيرغ مع المنتخب
لم تتعامل معها الصحف الإيطالية بشكل مثالي , بل تم أستغلالها , ورأيت الكثير من العناوين السلبية : هذا الفتى لايهتم بالقوانين , هذا الفتى
بسعر مرتفع جدا ً على إنضباطه .. هذا الفتى تم تضخيمه .. هذا الفتى مُجرد فقاعة !
- كانت العناوين الإيطالية تحمل الكثير من هذا الأمور تجاهي في تلك الفترة , وأتذكر ان أسوأ ماقيل عني , جاء من شخص سويدي يدعو نفسه
خبير , كان قد قال : "
كما أرى , إنتر كان دائما ً مايشتري صفقات سيئة .. دائما ً يراهنون على أصحاب الفرديات .. والأن أعتقد انهم اشتروا لأنفسهم
مشكلة كبيرة أيضا ً " .. وكما قلت , لم أهتم لما قيل , كنت افكر في كلمات كابيلو , كانت تتعلق بكسب الإحترام .. كان يجب علي أن أخذ المبادرة
من الفرصة الأولى , كنت وكأنني سادخل على منزل في روزينجارد , لايمكنني التراجع بعد ذلك .. لهذا أخذت خطوة للأمام وتقدمت بكل الموقف
القوي الذي إكتسبته من وجودي في اليوفنتوس : "
مرحبا ً أيُها الرفاق .. انا هُنا .. والأن سوف نبدأ بالفوز " !
- بدأت بالتدرب في الإنتر برغبة جامحة , عملت بجد , عملت فقط بعقلية الفوز .. كنتُ متحمسا ً , كنتُ مفترسا ً .. كنت في حالة لم يسبق ان مررت
بها .. كنت مصاب بالجنون , أقدم كل مالدي على الملعب , وأبكي وأتحسر إذا خسرنا او قدمنا مباراة سيئة .. وبخلاف ماحدث طوال مسيرتي : شعرت
بدوري القيادي في الفريق .. شعرت بذلك من أعين زملائي في الفريق .. كانوا يعولون علي .. كنت أساعدهم على التقدم .. كان بجواري باتريك فييرا
من جديد .. ومع هذا الشخص بإمكانك ان تحقق الكثير من النجاحات .. كنا وحشين فائزين يقدمان كل مالديهما في أرض الملعب لكي يرفعان من
دوافع الفريق ..
- في البداية كانت لدينا مشكلة بسيطة , تتمثل في موراتي رئيس النادي .. كان يقدم كل شيء للإنتر , كان قد خسر أكثر من 300 مليون يورو على
صفقات الإنتر , أنفق الكثير على رونالدو , مايكون , كريسبو , فييري , فيغو وباجيو وغيرهم .. كان ينفق بجنون على الصفقات الهجومية لفريقه , لكنهُ
كان ايضا ً معطاء وسخي , حيث انهُ كان يعطي الكثير من المكافأت والاموال للاعبين , واحيانا ً يحدث هذا بعد الفوز في مباراة واحدة فقط ! موراتي
كان لطيفا ً بتصرفه , لكنني كنت ضدهُ في البداية : ليس لأنني لا أحب المكافأت , من يكرهها ؟ .. في الحقيقة كنت ضد هذا الأمر لأن تلك الأموال لم
تكن تصرف للاعبين بعد الفوز ببطولة أو بكأس .. كانت تصرف بعد مباراة وحيدة ! وأحيانا ً مباراة لاتكون مهمة حتى ! .. هذا التصرف كان يعطي فكرة
خاطئة لـ اللاعبين , رسالة غير صحيحة عن أهداف الفريق .. لهذا فكرت بالتحدث لموراتي ..
- موراتي من عائلة راقية , عائلة غنية , كان شخص قوي جدا ً من جميع النواحي , لهذا لم يكن من السهل ان تصل إليه .. لكن انا كنت لدي مكانه
جيدة في النادي وتدبرت الأمور ومن ثم تحدثت معه .. وعندما تصل لموراتي , لن تعاني , لأنه شخص لطيف ومن السهل ان تتحدث معه دائما ً ..
- "
ماسيمو " .
- "
نعم , إبرا " .
- "
يجب ان تهدأ من الأمر " .
- "
ماذا تقصد ؟ " .
- "
المكافأت والعلاوات .. اللاعبين قد يعتبرون الفوز بمباراة واحدة هو المقياس , أدفع لنا إذا فزنا بلقب الأسكوديتو ..
أعطنا ماتريد , لكن بعد الفوز في مباراة وحيدة , لا أعتقد انها فكرة جيدة " ..
وقد فعل ذلك .. المكافأت بعد المباريات العادية إنتهت .. ويجب ان تفهموا جيدا ً , هذا لايعني بأنني كنت سأدير الفريق بطريقة أفضل من موراتي ! لا
على الإطلاق .. لكنني رأيت شيئا ً قد يؤثر على دوافع اللاعبين , وأخبرتُه عنه .. وهو أمر المكافأت التي تأتي بعد الفوز في المباريات الصغيرة ..
- لكن التحدي الحقيقي في الإنتر والذي لاحظتهُ منذ اليوم الأول كان هو التحالف والتجمعات في الفريق .. لاحظت ذلك منذ قدومي للفريق , ولم يكن
لذلك علاقة بقدومي من روزينجارد حيث يقف كل طرف لوحده هُناك : الصوماليون , الصرب , الأتراك , العرب وغيرهم .. بل أنني تضايقت من ذلك لأنني
رأيت أنهُ في كرة القدم , الفريق يلعب بشكل جيد إذا كانوا لاعبيه مرتبطين ببعضهم .. رأيت ذلك في اليوفنتوس وفي أياكس .. لكن في الإنتر مايحدث
عكس ذلك .. كان البرازيليون في مجموعة , والأرجنتينيون في مجموعة أخرى .. والبقية يقفون في المنتصف بينهم .. كان الأمر سحطيا ً جدا ً في
الفريق .. حسنا ً , هذه الأمور قد تحدث في بعض الأندية , ليست أمر جيد , لكنها تحدث , ترى في بعض الأندية ان البعض يختار أصدقاء خاصين له من
الفريق , والبعض يذهب للأشخاص الذين يتوافق معهم .. لكن في الإنتر مالذي كان يحدث ؟ لقد كان التحالف وفقا ً للجنسيات فقط .. كانت إختيارات
بدائية جدا ً .. يلعبون سويا ً لكنهم يعيشون في عالمين مُختلفين .. هذا الأمر جعلني أغضب , وأدركت منذ اللحظة الأولى : هذا الأمر يجب ان يتغير ..
- لايمكننا أن نفوز بأي بطولة ونحن بهذه الوضعية .. البعض قد يقول : مالذي يهم في أن نتناول وجبة الغداء سويا ً ؟ صدقوني هناك أمور كثيرة تهم
من هذه الناحية .. هذا قد يسبب تصدعا ً حتى في أرض الملعب .. هذا يؤثر على روح وطموح الفريق .. في كرة القدم , هوامش صغيرة مثل ذلك
الأمر قد تقرر أشياء كبيرة .. لهذا رأيت بأن أول إختبار كبير لي في الفريق , هو ان أنهي هذه التحالفات .. لكنني لاحظت منذ بداية المحاولات , انه
في هذه المسالة الحديث فقط لايكفي .. ذهبت لهم وقلت : "
ماهذه التصرفات ؟ لماذا تجلسون كالأطفال في مجموعات ؟ " وبالتأكيد البعض كان
يؤيدني , والبعض كان منبهرا ً مما قلته .. لكن في النهاية لم يحدث أي شيء .. العادة أستمرت كما هي , وتلك الحواجز المرئية في الفريق كانت
حادة جدا ً .. لهذا قررت ان اعود لموراتي , وقررت ان اكون واضحا ً بقدر الأمكان .. الإنتر لم يفز منذ وقت طويل بالبطولة , هل تود ان يبقى الفريق
هكذا ؟ هل سيكون هذا الفريق خاسرا ً فقط لان البعض يعتقد انهُ لايجب ان يتحدث مع البعض الأخر ؟!
- "
بالتأكيد لا " .. موراتي قال لي ذلك بعدما شرحت له ..
- قلت له : "
إذا ً , يجب عليك ان تكسر كل هذه التحالفات , لايمكننا الفوز إذا لم نعمل كفريق " .
- لا أعتقد ان موراتي أدرك خطورة الأمر , لكنه فهم ماقلته , لأن ماقلته كانت يتفق مع فلسفته ..
- قال لي : "
يجب ان نكون كعائلة واحدة في الإنتر , سوف أتحدث معهم " .
- فعلا ً , بعد مدة ليست بالطويلة , موراتي نزل إلى الفريق , ومباشرة شعرت بالإحترام الذي يكنه اللاعبين له .. موراتي كان هو النادي , لم يكن فقط
يضع القرارات , بل كان يتعامل معنا ايضا ً .. كان يلقي بعض الخطابات .. في وذلك اليوم تحدث عن التلاحم .. حينها الفريق كلهُ كان يُحدق بي .. وكأن
موراتي كان يكرر كلماتي .. الجميع كانت يتسائل : هل إبرا هو من تحدث له ؟ الأغلب كان مقتنع بهذا .. تجاهلت الأمر .. اردت فقط ان يلتحم الفريق من
جديد .. والأن المزاج اصبحت افضل , والأمور تحسنت خطوة بخطوة .. التحالفات تم كسرها , وجميع اللاعبين باتوا يتواصلون مع بعضهم البعص , حدث
أرتباط كبير بين جميع اللاعبين , وكنت أتحدث مع الجميع وأحاول تعزيز هذا الأمر .. لكن بكل تأكيد .. الفوز بالدوري لم يكن سهلا ً رغم ذلك .. أتذكر أول
مباراتي مع إنتر في فلورنسا ضد الفيولا .. كان ذلك في التاسع من سبتمبر 2006 ..فريق الفيولا كان يريد هزيمتنا مقابل اي ثمن .. لأنهم تضرروا من
فضيحة الكالتشيو بولي وإنطلقت البطولة بسالب 15 نقطة بالنسبة لهم .. ملعب الأرتيمو فرانكي كان مليئا ً بأجواء الكراهية تجاه فريقنا ..
- إنتر كان تماما ً خارج قضية الكالتشيو بولي , والجميع كان يعتقد ان الإنتر كان هو من دبر تلك العملية .. الفريقين كلاهما كان مطالبا ً بالفوز , الفيولا
من أجل حفظ شرف الفريق , والإنتر من أجل فرض الإحترام على الجميع في إيطاليا والتأكيد على ان الفريق أخيرا ً سيكون قادرا ً على الفوز بلقب
الأسكوديتو .. كنت أساسيا ً بجانب كريسبو .. كريسبو الأرجنتيني الذي جاء للإنتر من تشيلسي .. بدأنا بشكل جيد معا ً , على الأقل في خطة اللعب
ومع إنطلاق الشوط الثاني , إستلمت الكرة في منطقة الجزاء وسددته وهي في وضع نصف طائر , وسجلت الهدف .. وكم أراحني ذلك الهدف ..
كان ذلك الهدف في أول ظهور لي مع الفريق .. وبعده , تطورت أكثر فأكثر مع الفريق ..في شهر أكتوبر رفضت دعوة المنتخب لي للمشاركة في
الصتفيات الأوروبية ضد اسبانيا وايسلندا .. أردت التركيز على الإنتر وعلى عائلتي .. انا وهيلينا كنا نعد الأيام , كنا نستعد لإستقبال أول أطفالنا , وقد
قررنا ان ولادته ستتم في مشتسفى في السويد .. عولنا على الرعاية الصحية لهُ في السويد .. لكن في الحقيقة رغم ذلك حدثت بعض المشاكل ..
- كنا في مستشفى الجامعة في لوند .. كانت هناك حولنا هستيريا الإعلام والمصورين .. لهذا قررنا أن نأخذ معنا حماية شخصية خاصة , كما أبلغنا
إدارة المستشفى بضرورة إغلاق العيادة النسائية .. لايمكن ان يدخل اي شخص لهناك حتى يتم تفتيشه .. الدوريات الأمنية كانت في الخارج , كنا
جميعا ً نعيش بحالة توتر شديد .. شعرت بذلك في داخلي .. كنت ارى الناس يركضون في الممرات , والبعض يصرخ ويتألم .. هل أخبرتكم أنني أكره
المستشفيات ؟ انا أكره المستشفيات حقا ً .. أشعر بحالة جيدة عندما يكون الناس حولي بحالة جيدة , لكن عندما أكون في وسط أناس يعانون من
المرض , فأننا أمرض بنفسي .. على الأقل هذا ما أشعر به في المستشفيات .. لا يمكنني شرح ذلك , لكنني أشعر بألم في بطني في كل مرة
أذهب فيها للمستشفيات .. كنت أشعر بان هناك شيء سيحدث ..
- قررت البقاء في المستشفى وأن أكون جزء من كل مايحدث مع هيلينا .. هذا الأمر جعلنا متوتر بشكل أكبر .. في ذلك الوقت أستقبلت رسائل من
جميع أنحاء العالم , لكنني لم أفتحها .. بما انني لن استطيع قرائها والرد عليها , رأيت أنهُ من العدل ان يعرفوا بأنني لم أفتحها .. لايمكنك أن تحصل
على شيء دون ان تُعطي في مقابلة , حتى هيلينا التي كانت تسمع قصصاً مخيفة عن أولاد ماتوا بعد ولادتهم بأشهر ووو .. لم تكن تستطيع أن
تقدم المساعدة في ذلك , كانت تسألني : مالذي يمكننا فعلهُ لهم ؟ هل نقوم بترتيب بعض التذاكر لهم ؟ ام نرسل لهم قمصانا ً موقعه ؟ .. لكنني
لم أشعر بشكل جيد حيال تلك الأمور , وهذه نقطة ضعف كبيرة في , وانا أعترف بذلك ..
- قررت ان أنام في المستشفى , وكنت قلقا ً على هيلينا .. وأسوأ مافي الأمر , أن هيلينا فهمت الوضع الذي نعيشه , كانت مجروحة من الوضعية
تلك في الحقيقة .. فليس من السهل ان تتم مطاردتك من قبل الإعلام وأنت ستنجب طفلك الأول .. لو حدث اي شيء خاطيء , فإن العالم سيكون
هناك ينتظر الأخبار .. هل من الممكن ان يحدث شيء سيء ؟ كنت افكر بكل هذه الإعتقادات .. لكن الأمور ذهبت في الإتجاه السليم , والأمر تم
بدون اي مشاكل .. شعرت بسعادة بالغة , وبالتأكيد شعرت بأنني محظوظ .. كان فتى جميل وصغير .. فعلنا الأمر , أصبحنا والدين , أصبحت أبا ً وهذا
كان من الممكن ان يكون شيئا ً سيئا ً لو كان ذلك الفتى ليس كما تخيلته .. لكنه كان كذلك عندما نجحنا في تجاوز هذه المحنة , وكان الأطباء في
تلك اللحظات جميعهم سعداء بالأمر ..
- الدراما لم تنتهي فالطفل أطلقنا عليه اسم ماكسمليان , لا أعرف بالضبط من اين جاء هذا الأسم .. لكنني أعتقدت انهُ اسم مُذهل .. إبراهيموفيتش
أسم مذهل بحد ذاته , لكن ماكسمليان إبراهيموفيتش أسم أكثر إبهارا ً .. رأيت بأنه جميل وقوي في نفس الوقت .. وعلى الرغم من اننا أصبحنا نطلق
عليه أسم ماكسي مؤخرا ً .. الا ان ماكسي ايضا ً أسم رائع .. الأمر تم بطريقة رائعة كما يبدو .. وفور الإنتهاء من ذلك , خرجت من المستشفى ..ولا
تعتقدوا ان الأمر سهلا ً .. لأن الصحفيين والمصورين كانوا مُحتشدين أمام البوابات .. لهذا مسؤولي المستشفى منحوني معطف خاص بالأطباء , لهذا
أصبحت كأنني الدكتور . إبراهيموفيتش .. لبست المعطف , ومن ثم وضعوني في سلة غسيل ! كان تصرف مريض ومضحك .. سلة غسيل كبيرة
جدا ً أستلقيت فيه مثل كرة صغيرة .. ثم دفعي في تلك السلة خلال الممرات حتى وصلت إلى المرآب .. هُناك قفزت من السلة , قمت بتغيير كل
ملابسي , ومن ثم سافرت فورا ً إلى إيطاليا بعد ان خدعت الجميع ..
- الأمر لم يكن سهلا ً على هيلينا , لقد عانت كثيرا ً , الولادة كانت صعبة للغاية .. وهيلينا بطبيعة الحال ليست معتادة على المعاناة مثلي , فالمعاناة
جزء من حياتي , لكن بالنسبة لها كانت امر جعلها متوترة ومنضغطه .. هيلينا خرجت من المستشفى بسيارتها وأخذت ماكسي إلى منزل أمي في
زفاغيرتورب .. كنا نظن بأنها ستستطيع ان تتنفس بحرية أكبر هُناك .. لكننا كنا في منتهي السذاجة نفكر في ذلك .. فلم يستغرق الأمر سوى ساعة
واحدة فقط قبل ان يلتم الصحفيون من كل مكان في المنزل .. هيلينا شعرت بأنها وقعت في الفخ حينها ولم تستطيع تحمل الأمر , لهذا بعد مدة
ليست بالطويلة طارت مباشرة إلى ميلانو ..
- كنت هُناك في ميلانو امامها .. كنت أستعد مع الإنتر لمباراة كييفو في السان سيرو .. كنت موضوعا ً على الدكة , فروبيرتو مانشيني مدرب الإنتر
في ذلك الوقت كان يرى بأننا لست بكامل تركيزي على المباراة .. لم أنم بشكل كافي .. وأعتقد ان قرار مانشيني كان حكيما ً .. بدأت المباراة وفي
تلك اللحظات أومضت بنظري إلى الأعلى , حيث تجلس جماهير الكورفانورد , جماهير الإنتر المتشددين .. ورأيت قماش ابيض كبير , وكأنه قماش
قرصان يريد الإبحار .. ذلك القماش تم تعليقه في مكان الكورفانورد , وكتب عليه بالأسود والأزرق : "
مرحبا ً ماكسمليان " .. رأيته وتسائلت حينها
عن هذا : "
من هو ماكسمليان ؟ هل لدينا لاعب بهذا الأسم ؟ " .. لكنني فكرت قليلا ً وأستوعبت الأمر .. أنهُ أبني .. إنهُم يرحبون بأبني في هذه
الحياة .. لقد كان أمرا ً جميلا ً , وفورا ً شعرت برغبة بالبكاء .. هؤلاء الجماهير متشددين ولايمكن العبث معهم , ولاحقا ً كنت سأخوض معهم عدة
معارك كبيرة .. لكن الأن مالذي يمكنني قوله ؟ لقد كانت إيطاليا في أجمل صورها .. لقد كان حب كرة القدم وحب الأطفال سويا ً .. فورا ً أخرجت
هاتفي وألتقطت صورة خاصة لتلك اللائحة .. وأرسلتها إلى هيلينا مع بعض الكلمات التي دخلت إلى قلبها .. هيلينا لازلت تنزل الدموع من عينيها
عندما تتكلم عن هذا الأمر .. لقد كان السان سيرو يُرسل حُبه لنا ..
- حصلنا على جرو جديد ايضا ً , أطلقنا عليه اسم تروستر .. ولهذا أصبحت الأن لدينا عائلة كاملة : انا وهيلينا وماكسي وتروستر .. في ذلك الوقت
عدت لكي العب الـ Xbox بكثرة .. أدمنت على اللعب وتخطيت الحدود بكل سهولة .. لقد كان سم بداخلي .. لم تمكن من التوقف .. وفي بعض تلك
الأوقات أجلس على ركبي مع ماكسي الصغير وألعب معه .. كنا في تلك الفترة في أحد الفنادق في ميلانو ننتظر ان نحصل على الشقة الجديدة ..
ومع كثرة نزولنا لطلب الطعام , شعرنا بالأمر : الفندق أصابه الملل منا , ونحن ايضا ً أصبحنا نمل منه .. لهذا إنتقلنا إلى فندق أريستون في تورنتا
وكان ذلك فندقا ُ أفضل .. لكن رغم ذلك الفوضى لازالت مستمرة ..
- كان الأمر يتعلق بماكسي الأن .. كل شيء كان جديد حول ماكسي , لكننا لاحظنا بالتأكيد انه بدأ يتقيأ بكثرة , ويفقد وزنه .. لم نكن نعرف عن هذا
الأمر , ربما كان طبيعيا ً .. أحد الأشخاص قال لنا بأنهُ من الطبيعي ان يفقد الأطفال بعض الوزن بعد ولادتهم .. لكن الأمر الأن اصبح قويا ً ؟ أليس كذلك
مع إستمرار الوقت وضعية ماكسي اصبحت اكثر سوءا ً .. اصبح يتقيا ً بشكل أكبر وبدأت ملامح الأعياء تظهر عليه .. كانت هناك الكثير من العلامات
الغريبة بشانة .. تسائلت عن الأمر ؟ مالذي يحصل ؟ إتصلت بعائلتي وبأصدقائي .. وكلهم كانوا مطمئنين : لايوجد اي خطر والأمر طبيعي .. لكنني
كنت اشعر بانهُ ليس كذلك .. حاولت أن أصدق ماقالوه : أنه رائع الأن , هاهو أبني ! لكن ملامح الإضطراب لم تبتعد عن الطفل , كان من الواضح أنه
لايستطيع هضم طعامه .. ووزنه أنخفض بشكل متزايد .. عندما ولد كان يزن 3 كيلو غرام , والأن أصبحت يزن 2 كيلو و800 غرام .. تأكدت بأن الفتى
ليس على مايرام ولم استطيع تحمل هذع الشكوك : "
هيلينا , أعتقد أن هناك شيء ما ليس على مايرام " .. قالت لي : "
وانا أشعر بذلك ايضاً " ..
- كيف يمكنني أن اشرح لكم الأمر ؟ لقد كان لديه إشتباه في السابق , لكن الأن أصبحت على قناعة تامة .. الغرفة كان تحلق بنا في تلك اللحظة
واجسامنا كانت مشدودوة من ذلك الأمر .. لم يسبق لي وان عشت تلك التجربة أبدا ً .. قبل ان يكون لدي أطفال , كنت السيد الذي لايُمس , كان
مسموحا ً لي بأن أغضب وأجن , وأحظى بجميع انواع العواطف وكل المشاكل كانت تُحل طالما كنتُ مستمرا ً بالقتال ضدها .. لكن الأن ؟! لايوجد
اي شيء مثل هذا .. الأن انا بدون اي قوة , لايمكنني أن ادربه واساعده .. لايمكنني ان افعل له شيء .. ماكسي أصبح اضعف واضعف .. الأن
أصبح صغيرا ً جدا ً .. كان مجرد جلد وعظام .. كان يبدو وكأن الحياة سوف تفارقه .. لهذا إتصلنا فورا ً بالعيادة , وطلبنا أحد الأطباء .. وصلت طبيبة
إلى الفندق , وكنت حينها خارج الفندق , كنت مضطرا ً لـ لعب مباراة مع الإنتر .. وأعتقد اننا كنا محظوظين حينها ..
- الطبيبة تعرفت على المشكلة فورا ً وقالت : "
يجب ان يتم نقله إلى المستشفى فورا ً " .. أتذكر ذلك جيدا ً عندما كنت مع الإنتر نستعد لمواجهة
ميسينا .. إتصلت بي هيلينا وكانت بحالة هستيرية : "
زلاتان , ماكسي سيخضع لعملية جراحية , الأمر عاجل " .. حينها اتذكر أنني قلت لها : "
هل
نحن على وشك خسارته ؟ هل هناك إحتمال لذلك ؟ " .. كنت افكر بتلك الإحتمالات وانا خائفها منها .. ذهبت إلى مانشيتي وأخبرته , مانشيني
مثل كثيرين , كان لاعبا ً محترفا ً واصبح مدربا ً وبدأ مسيرته التدريبية مع لاتسيو أريكسون : "
أبني مريض " .. حينها نظر مانشيني إلى عيني ..
وكانت مشاعر مضطربه حينها .. لم أكن افكر بشيء , فقط ماكسي في مخيلتي أبني الحبيب .. مانشيني ترك القرار لي : هل سألعب أم لا ؟!
لقد سجلت حتى تلك اللحظة 6 أهداف وكنت حاسما ً في أغلب المباريات .. والأن ماذا سأفعل ؟ لاشيء سيشعر ماكسي بالتحسن إذا جلست
على الدكة ولم ألعب .. لكن لا أعرف , دماغي كان يغلي بالفعل .. كانت تصلني رسائل من هيلينا تخبرني بالامر أولا ً بأول .. هيلينا كانت يبدو بأنها
إنهارت في المستشفى وبدأت بالصراخ وكل تلك الأمور .. بالإضافة إلى انها لم تكن تتحدث الإنجليزية , كانت فقط تعرف بعض الكلمات الإيطالية ..
لهذا كانت ضائعة تماما ً .. لم تفعل شيء سوى أنها كانت على عجلة من أمرها .. أحد الأطباء طلب منها التوقيع على ورقة .. أي ورقة ؟ لم يكن
ليدها وقت للتفكير لهذا قامت بالتوقيع فورا ً .. في هذه الحالات بإمكانك ان توقع على اي شيء كما أعتقد .. وقعت على أوراق جديدة ايضا ً ومن
ثم أخذوا ماكسمليان منها .. وهذا كان مؤلم جدا ً لها .. أحسست بذلك حقا ً ..
- مالذي حدث بعد ذلك ؟ مالذي يجري ؟ لقد كانت مستاءة جدا ً من الوضعية .. ماكسي اصبح أكثر ضُعفا ً , وهي توترت بشكل أكبر , مالذي يمكنها
فعله غير ذلك ؟ .. كان شعور فقدهُ أشبهُ باليقين , ولم يأتي الا بعض الأمل فقط عندما رأت ماكسي يتم نقله من قبل الأطباء والممرضين من غرفة
لأخرى .. حينها عرفت سبب مرضه : المعدة لم تكن تعمل بشكل جيد ولهذا كان يحتاج لعملية جراحية .. بالنسبة لي , كنتُ هناك في السان سيرو
مع تلك الجماهير المجنونة , ولم يكن من السهل علي التركيز على اي شيء .. لكن رغم ذلك قررت أن ألعب المباراة , شاركت منذ البداية , لكن
أعتقد انني لم ألعب بشكل جيد , وكيف يمكنني أن أفعل ؟ .. أتذكر ان مانشيني كان يقف على الخط الجانبي ويقوم بالإشارة لي : سوف أخرجك
بعد 5 دقائق ! حينها تعجبت .. لكن بكل تأكيد سأخرج بدون مشاكل , لم ألعب بشكل جيد .. لكن بعد تلك الإشارة فقط بدقيقة واحدة تمكنت من
التسجيل .. فكرت بعد الهدف : اللعـنة مانشيني , حاول أن تخرجني الأن ! .. أكملت اللعب وفزنا بنتيجة كبيرة .. كنت ألعب بغض شديد , وبعد مدة
خرجت من المباراة في النهاية ورميت نفسي في غرف الملابس , لم أقل اي كلمة .. بالكاد أتذكر ماحدث .. دقات قلبي كان تتضارب بسرعة ..
- لكنني أتذكر جيدا ً أنني إنطلقت إلى المستشفى , دخلته مسرعا ً أسأل : أين , أين ؟ .. ركضت حتى وجدت نفسي في قاعة كبيرة , يرقد فيها
ماكسي مع الكثير من الأطفال في تلك الحاضنه .. كان أصغر من اي وقت مضى , كان مثل الطائر الصغير .. كانت الأنابيب حول جسمه وفي أنفه ..
سقط قلبي من صدري حينما رأيتهُ .. نظرتُ إليه وإلى هيلينا .. ومالذي حدث برأيكم ؟ هل كنت ذلك المفترس من روينجارد ؟ قلت لهم : "
أحبكم ..
أنتم كل شيء لدي .. لكنني لا أملك الشجاعة للوقوف هُنا .. سأخرج , إتصلوا بي عند حدوث أدنى شيء " .. ومن ثم خرجت .. ولم يكن هذا تصرفاً
لطيفا ً مع هيلينا .. لقد تركتها لوحدها معه .. لكنني لم أتمكن من البقاء هُناك .. لقد عشتُ في حالة ذعر تامة .. كرهت المستشفيات أكثر من أي
وقت مضى .. لهذا خرجت فورا ً إلى المنزل , وبدأت ألعب الـ Xbox .. فهذه الوضعية تساعدني على الهدوء في أغلب الأوقات .. طوال تلك الليلة
كنتُ مستلقيا ً والهاتف بجانبي .. حتى أنني كنتُ في بعض الأحيان أقوم برفسه بعيدا ً , إذا شعرت بأن شيئا ً سيئا ً قد حدث ..
- لكن الأمور أصبحت على مايرام , العملية الجراحية نجحت , وماكسي أصبح في حال افضل الأن .. لديه جرح في معدته الأن فقط , ماعدا ذلك ..
أصبح بكامل صحته مثل البقية .. ولازلت أفكر في ماحدث .. فذلك الأمر يجعلني أفكر بمنظور خاص في الحقيقة .. في ذلك العام فزتُ فعلا ً بالدوري
مع الإنتر .. ومن ثم تم ترشيحي لجائزة Jerring السويدية , والتي تمنح لأفضل رياضي سويدي في العام .. كانت تُحسم بتصويت الجماهير , ولم
يكن من المعتاد ان يتم ترشيح لاعبي كرة القدم لها , فأغلب من فازو بها كانوا رياضيين في الألعاب الفردية مثل ستينمارك , ستيفن هولم , وايضاً
سورينستام وغيرهم .. والأستثناء الوحيد لكرة القدم كان في عام 1994 عندما تم منح الجائزة لجميع لاعبي المنتخب السويدي الحائز على برونزية
كأس العالم حينها .. كانت جائزة غرامي تماما ً .. ذهبت انا وهيلينا إلى الحفل .. كنت اول لاعب كرة قدم يرشح لها بشكل فردي , في عام 2007 ..
أرتديت بذلة مع ربطة عنق القوس , وقبل إنطلاقة الحفل إلتقيت بـ مارتين داهلين ..
- مارتين داهلين كان من القدماء ذوي الشأن الرفيع , كان قد لعب ضمن منتخب 1994 , وأحترف في روما وبروسيا مونشنغلادباخ وغيرها من الفرق ..
لكن المسألة كانت جيل ضد جيل , وبالطبع في نظر الكثيرين الجيل القديم هو الأفضل , لكننا كنا بحاجة للنجوم الصغار , لانريد ان نعيد أسطوانة أولئك
الذين كانوا في وقت مضى .. لانريد ان نسمع كلمات مثل : لو كنتم في جيلنا .. وغيرها من الهراء .. كنا نريد أن تكون لكرة القدم أفضل الأن .. وأتذكر
أنني أحسست بـ سخرية في وصت مارتين داهلين عندما قابلته ..
- "
وااو , أنت هُنا " !
- فكرت : ولماذا لا أكون هُنا .. قلت له بنفس النغمة : "
وأنت أيضا ً ! " .. وكأنني متفاجيء بوجوده ..
- " نعم , لقد فزنا بجائزة عام 1994 " .
- "
فزتم بها كفريق أعرف .. انا هُنا مرشح لها بشكل فردي " .. أبتسمت له .. ولم يكن شيئا ً كبيرا ً , كأنهُ شجار ديكه بسيط ..
في تلك اللحظات جائني شعور رغبة جامح للفوز في هذه الجائزة , أردت الفوز بها .. وأتذكر انني عندما عدت إلى طاولة هيلينا قلت : "
تمني معي
أن افوز بهذه الجائزة " .. ولا أتذكر انني قلت شيئا ً مشابها لذلك , سواءا ً فيما يتعلق بالبطولات او الكؤوس , لكن في هذه الجائزة قلت ذلك .. الجائزة
أصبح مهمة جدا ً بشكل مفاجيء بالنسبة لي , وكأن هناك شيء يعتمد عليها .. لايمكنني شرح ذلك بشكل جيد , فانا فزت بجميع انواع الجوائز , لكن
لم تكن ايا ً منها بأهمية تلك الجائزة , لا أعرف , ربما كانت بمثابة التأكيد على انني نجحت ليس فقط كلاعب كرة قدم , بل كشخص , رغم كل المعاناة
التي إعترضت طريقي .. لهذا , كنت اعيش لحظات توتر كبيرة عندما بدأو في القاعة بذكر أسماء المرشحين ..
- المرشحين النهائيين هم : انا , وسوزانا كالور , عداءة سويدية .. في تلك اللحظات لم أكن اعرف اي شيء عن من سيفوز في الجائزة , في العادة
كنت أعرف قبل أن أدخل القاعة .. لكن في هذه المرة لم تكن لدي اي فكرة .. اللعـنة , هم على وشك أن يعلنون الفائز : "
والفائز هو .. زلاتان " !
لقد كان أسمي .. أنفجرت بالبكاء فجأة .. وصدقوني لم تكن الدموع تنزل بسهولة .. لم أكن حتى قد تلقيت التدريب على كيفية إستلام هذه الجوائز
عندما نشأت .. تعاملت مع الأمر فقط بشكل عاطفي تماما ً .. وقفت من طاولتي , والجميع كان يصفق ويصرخ .. وأثناء هذا الصراخ , مررت من أمام
مارتين داهلين , ولم يكن لدي سوى ان أقول له : "
عذرا ً مارتين , أريد أن أمر لأستلم جائزتي هناك في الأعلى " .. صعدت إلى المسرح , وتسلمت
الجائزة من الأمير كارل فيليب .. أمسكت بالمايكروفون , ولم أكن معتادا ً على إلقاء الخطابات المميزة , لكنني فقط بدأت أتحدث .. فجأة وانا أتحدث
من على المسرح بدأت أفكر بـ ماكسي , وكل الأمور التي مررنا بها خلال ولادته , ومن ثم فكرت بشكل غريب : لقد أستملت الجائزة لأنني ساعدت
الإنتر على الفوز بلقب الدوري بعد 17 عاما ً .. وسألت نفسي : ماكسي ولد في الموسم الذي فزت فيه ! وكأنني للتو قد أيقنت هذا الأمر وتفطنت
له .. عندما جلست سألت هيلينا على الفوز : "
هل ولد ماكسي في الموسم الذي فزت فيه ! " نظرت لي , ولم تتمكن من الإجابة : كانت عيناها
فقط مليئة بالدموع .. تلك لحظة لاتُنسى .