الطفلة الليبية " سياتة ابراهيم" في تونس مشهد تشيب له الرضع وتتقطع من هوله الأفئدة ...

في حديث عابر لم أتصور البتة أن أمسك بعلبة مناديل ورقية لأكفف دموعي مما رأيت، حضر أحدهم وتحدث إلينا على

هامش زيارتنا لجرحى ثوار 17 فبراير بمصحات الشقيقة تونس ..

الرجل تحدث بنبرة تحوي عمقا في التراجيديا الإنسانية التي تتفطر لها القلوب ولا يكون الخبر كالعيان، فالعنوان

الخاص بالطفلة سياتة في مصحة العالية بمدينة صفاقس وبنظرة متأنية يكون المبرر سطحيا للغاية في فقدان سياتة

ابنة الخريف السابع لكلتا عينيها وإصابة مباشرة في يدها اليسرى وساقها اليمنى ..

دخلت غرفتها المرقمة 410 بمصحة العاليةبصفاقس ولم أتصور هول الموقف تمالكت نفسي فوق العادة وقمت

بتشغيل الآت التصوير الثابت والفيديو التي كانت بحوزتي ... سألتها : كيف حالك سياتة ؟ فأجابتني بنبرة لم

استطع ان أحبس معها دموعي .. كويسة الحمد لله ... يا إلهي هذه الطفلة ذات السنوات السبع هكذا تجيب .. تبدو

ملامح الوجه الملائكي البريء وقد شوهتها آلة الحرب والموت .. لم يعد في تقاسيم وجهها مكان للسلام والأمان الذي

تنشده وأترابها .... مسكينة سياتة بكيت بحرقة وألم ... سألتها من معك هنا في المصحة ؟ وكنت أقصد هل معك

أحد من عائلتك ؟ فردت بجواب ما اعتدت في مخيلتي أن تتفوه به من في مثل عمرها ... معي الله !!!!!!!! يا الله

يا من أنت مع البريئة سياتة انظر في حالها فهي تترقبك معها .. واردفت بقولها : حول الفاشة من على عيوني ..

وهي تقصد أن أزيح الرباط من على عينيها ...ولم تعتقد هذه الصغيرة البريئة أن الرباط الذي تشعر به على عينيها

لن يزاح إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها أو ينظر الرحيم بعباده في أمرها ويعيد إليها نظرها بأعجوبة ..

لا زلت أبكي وسألتها : سياتة ما الذي حصل لك حتى وصلتي هنا ؟

رغم أنها لا تعرف أين وصلت ولا أين هي .. الا أنها قالت بمنتهى البراءة : خرجت ألعب قرب البيت وجدت شيئا

على الأرض أخذت ألعب به ولا أعرف ما هو فانفجر في وجهي ووجدت نفسي في هذا المكان ..

بعض الملمين بقصة سياتة قالوا في قصتها ما يلي :

أثناء توجه الثوار من الجبل الغربي إلى الساحل في مواجهة الكتائب نزحت كافة العائلات التي يمر القتال بمناطقها،

بما في ذلك عائلات منطقة الرويس قرب منطقة بدر بالجبل الغربي ففر الجميع دون استثناء إلا سياتة ووالدها

ووالدتها حيث لم يكن في بيتهم إلاهم وخالقهم مع اختلاف ترتيب الأسبقية بطبيعة الحال ...حيث له ولد اسمه

عبدالله موجود آنذاك بسبها.. أردف محدثي يقول :

عندما هدأ القتال خرجت سياتة تلعب خارج البيت وكانت أمها مشغولة في المطبخ بينما كان والدها مصابا في إحدى

ساقيه ولا يستطيع الحراك الا للضرورة .. سمعت الأم صوت انفجار مدوٍ خارج البيت لكنه من مسافة قريبة، هرعت

تجري فوجدت ابنتها سياتة ملقاة على الأرض بين الحياة والموت .. صرخت الأم .. يا الله يا من لا سواك لنا ..

كادت ان يُغشى عليها .. مر أحدهم بالطريق مصادفة التقط الطفلة وذهب بها إلى حيث شاء الله : ارتبك والدها بين

أن يصحب من أرادوا علاجها ليكون قريبا من سياته ابنته وفلذة كبده في هذا الموقف الجلل أم يبقى بجوار زوجته

الوحيدة في تلك المنطقة وهي في حالة إغماء .... اللهم لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ... طمأنه اولئك

الخيرون بان ابنته ستكون بخير بإذن الله ورغم انه تظاهر بالاطمئنان لكن لا يعلم سرائر النفوس الا خالقها ...

فالرجل بين أمرين أحلاهما مر ...

وصلت سياتة بقدرة قادر وبعد أكثر من محطة أكد أطباؤها أن لا قدرة لهم على علاجها ... وصلت إلى صفاقس . لكن

متى؟ بعد فوات الأوان . بعد أن أراد الله عز وجل أن تفقأ عيناها وتبقى كفيفة إلى ما شاء الله ..

سياتة التي فقدت بصرها استطاعت ان تجمع حب وتعاطف كل من رآها أو مجرد من سمع عنها .. وحتى تاريخ

زيارتي لها مساء اليوم 4/10/2011 لا زالت بذات المصحة بتونس في نطاق جغرافي ضيق لا يتعدى عشرين

مترا مربعا بينما معنويا هي في قلوب كل الذين زاروها أو شاهدوها و مجرد ان سماعهم عنها أقل كلمات تعبر

بأعمق المعاني عن المعاناة التي مر بها عدد كبير من الليبيين والتي تمثل سياتة نموذجا حيا لها ...

والدها ليس لديه جواز سفر ولا والدتها حسب إفادة من سألتهم عن السبب في تأخر حضور والدها ووالدتها إليها ..

فهل يضع المسؤولون الليبيون سياته نصب أعينهم ويعتبرونها ابنتهم أم سيكون مصيرها مثل مصير غيرها ممن

جاءت بهم الاقدار الى خارج بلادهم ؟؟ وسياته التي ليس لديها جواز سفر هل سيسعى مصطفى عبدالجليل ومحمود

جبريل الى انقاذ سياته واستخرج جواز سفر لها لتستطيع الرجوع الى أهلها وذويها بهدوء او يتم تسفيرها الى بلد

آخر لعل الله يبين لنا فيها عجائب قدرته بأن يعيد لها نظرها " اللهم امين " ؟ واذا لم يحصل كل ذلك فما مصير هذه

البريئة بعد أن يقرر الاطباء خروجها من المستشفى وانتهاء فترة علاجها ؟؟ هذه الاسئلة اطرحها عليك يا سيد

رئيس المجلس الوطني الانتقالي ومكتبه التنفيذي وأملي في الله كبير ألا يتأخر ردكم ...

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
مشهد تدمع له القلوب, ولكن أملنا في المجلس ان يهتم بهذه الطفلة