أثار تصريح مسؤول ملف الإعلام في المجلس الوطني الانتقالي، محمود شمام، بشأن تأسيس “مجلس للرقابة على الإعلام” استياء الأوساط الإعلامية الليبية.
واعتبر بعض الإعلاميين والصحفيين أن تكوين مثل هكذا مجلس يحد من “حرية الإعلام” التي طالما عانوا منها لأربعة عقود متواصلة، مطالبين في الوقت نفسه الانتقالي بإعطاء توضيحات أكثر حول هذه المسألة.
وكان شمام قد صرح في مؤتمر صحفي بعيد تحرير مدينة طرابلس من نظام القذافي قد قال إن الانتقالي سيشرع في تأسيس مجلس للرقابة على الإعلام.
وفي استطلاع للرأي لصحيفة قورينا الجديدة، قال الصحفي أبوبكر البغدادي من مدينة مصراتة: “إن القذافي بدأ يعود شيئا فشيئا، فها هو مسؤول الإعلام يعيد بشكل مفاجئ أهم المبادئ التي ثرنا لأجلها وهو حق التعبير، ومع ذلك لست متفاجئا ، فالقرارات التي صارت تنهال علينا منذ معركة تحرير طرابلس لا تنذر أبداً برحيل القذافي الذي كنا نعتقد أنه حجر العثرة الوحيد في طريقنا”.
وتابع البغدادي قائلاً: ” أصبحنا نخشى من أن تذهب دماء شهدائنا هباءً، مما خرج به شمام علينا من لجم للأفواه وتقييد لحرية التعبير، فنحن نشعر بأننا سنعود للنزول إلى الشارع قريبا، لزاما وليس خيارا”.
من جانبه قال الكاتب والإعلامي الصديق بودوارة، من مدينة البيضاء: ” لا أعتقد أن المقصد من هذا التصريح هو التأثير على حرية الرأي في ليبيا، فشمام كان مديراً لتحرير النسخة العربية للنيوزويك، ولا أظن أنه يؤمن بتقييد الرأي وحجره ، فالمسألة – بحسب وجهة نظري – تنظيمية في الغالب ومرتبطة بظروف المرحلة الراهنة”.
ومضى بودوارة، قائلاً: ” لازلنا نعيش مرحلة حرب، وأصوات المدافع لم تصمت بعد.. فعلاً الساحة الإعلامية حالياً بحاجة إلى تنظيم، وبعد استقرار المشهد العسكري والسياسي لن نقبل بـأي نوع من الرقابة التي – قد – نوافق عليها الآن لضرورات الوضع ليس أكثر”.
رفضومن مدينة طبرق قال الصحفي عبد العزيز الوصلي: ” إذا كان المقصود بالقرار هو تنظيم العمل الإعلامي فلا خلاف في ذلك، لكن إن كان يهدف للرقابة لا غير فهذا أمر مرفوض جملة وتفصيلاً، وما هي إلا أولى خطوات العودة للوراء.. وبحسب وجهة نظري فأن الرقابة التي يحاول شمام تنفيذها ستكون حماية للمجلس الانتقالي والحكومة المؤقتة من بعده”.
وأضاف الوصلي، ” علمنا بوجود عديد الاختراقات والتجاوزات والانحرافات عن ضوابط المهنية الإعلامية التي تمارسها العديد من وسائل الإعلام الموجودة حاليا على الساحة، ولكن هذا لن يكون مبررا لفرض رقابة عليها، لأنه ليس كل ما ظهر الآن على السطح سيحظى بالاستمرارية.. علينا أن نترك التقييم النهائي للمتلقي الذي أصبح في الفترة الأخيرة يملك القدرة على التمييز ولا يحتاج وصاية من أحد”.
وقال المذيع أحمد المقصبي: “إذا كانت الرقابة المقصودة التي نعرفها وعانينا منها في حقبة القذافي فهي مرفوضة، إلا إذا كانت تخص أدبيات المهنة بشكل عام.. لا نريد أن يقيد الإعلام الجديد بخطوط حمراء أو حتى صفراء”.
توضيحودعا المقصبي قائلاً: “نحتاج إلى توضيح أكثر حول مسألة تأسيس”مجلس الرقابة” من حيث طبيعته، أعضائه، حيثياته، كل تفاصيله، فهذا المجلس الآن عرضة للتساؤل، وهو لم يطرح حتى للإعلاميين”.
أما الإعلامي الرياضي، عبد المجيد الفيل فقال: ” إن كان القصد مما صرّح به شمام هو خلق بوابة للحد من التدفق الإعلامي وتقنين ذلك في أي صورة وقطع الطريق أمام محاولات ضرب الثورة فهذا أمر “جيد”، أما إذا كان حديثه ينصب في فرض رقابة شديدة على الإعلام، لأنه ينتقد المجلس الانتقالي أو لجانه أو ينتقد أسلوب العمل في أي إطار فذلك سيشكل خطراً كبيراً”.
قانونورأى الفيل، “أن شمام لا يملك إلا إدارة الملف الإعلامي، وإذا تحوّل إلى وزير بلا وزارة وقانون، ويتصرف من نفسه، عندها سيكون للشعب رأي آخر، فبعد 17 فبراير لا يحق لأي شخص، لا لشمام ولا غيره، أن يحد من حرية الإعلام وطرح آرائه أو تقييده.. نحن نريد – كإعلاميين فقط – قانونا للإعلام والصحافة ينظم عملها ويحمي الإعلاميين والوسائل الإعلامية من بطش السلطات”.
ومن مدينة إجدابيا، قال الصحفي فرج المغربي، إن على شمام أن يوضح ماهية هذا المجلس الذي يريد أن يراقب الإعلام، وما نوع الرقابة التي سيستخدمها؟
ويرى المغربي، أن من المفترض ألّا يتم مناقشتها، إلا بعد قيام حكومة رسمية في ليبيا، وإلى الآن لم نتفق على نوع الدولة.. وما هي المؤسسات التي تكون فيها.. اعتقد أن من الواجب الاتفاق على ميثاق شرف المهنة إلى حين قيام الدولة.